الحمد لله جامع الشّتات، وباعث الرّفات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تكتَب بها الصحائف وتُمحَى السيئات.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله المبعوث بجوامع الكلمات والآيات البينات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على طريقه واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن المساجد هي بيوت الله تعالى، ومقر السكينة والعبادة له -تعالى- وحده، ولكن للأسف الشديد فقد انتشرت في هذه الأيام بعض البدع في بعض البلدان المختلفة.
ومن هذه البدع ما يتعلق بأيام المناسبات الشرعية، كالعيد وغيره، وإليكم بعض ما تيسر معرفته من هذه البدع في العيد:
أولاً: التكبير في العيد بالمسجد أو المصلى بالصيغ الجماعية على شكل فريقين يكبر الفريق الأول، ويجيب الفريق الآخر وهذه طريقة محدثة والمطلوب أن يكبر كل واحد بانفراد، ولو حصل اتفاق فلا ضير، و أما على الطريق المسموعة يكبر فريق و الآخر يستمع حتى يأتي دوره فهو بدعة.1
وكذلك من غير المشروع في هذا أن يجتمع كل الحاضرين ويكبرون بصورة جماعية وبصوت واحد.
ثانياً: الإسراف في تنوير المساجد في الأعياد، وتزيينها بالسرج والكهرباء من الداخل والخارج.
ثالثاً: اعتقاد بعض الناس مشروعية إحياء ليلة العيد بالعبادة، وهذا من البدع المُحدثة التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما روي في ذلك حديث ضعيف: (من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)2 وهذا حديث لا يصح ، جاء من طريقين أحدهما موضوع والآخر ضعيف جداً.
وهناك بدع كثيرة، ما تيسر معرفته من بدع المساجد سبق ذكره.
والواجب إزالة مثل هذه البدع التي اعتادها الناس وألفوها، وأصبحت هي الدين الذي به يدينون، وإحلال السنن التي جاء بها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، محلها والاكتفاء من الدين بما كان عليه هو وأصحابه.
فقد نهانا الله تعالى ورسوله عن مفارقة هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) سورة الأحزاب، ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (159) سورة الأنعام.
وأمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتمسك بسنته والبعد عن المحدثات، فعن العِرباض بن سارية -رضي اللَّه عنه- قال: وعظنا رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم موعِظة بليغة ، ذرفتْ منها العيون ، ووجِلت منها القلوب.
فقال قائل: يا رسول اللَّه، كأن هذهِ موعِظة مودع فما تعهده إلينا؟ فقال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ).3
وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).4
وخرج ابن وهب عن أبي إدريس الخولاني أنه قال: لأن أرى في المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها، أحب إلي من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها.
أسأل الله أن يحيي مساجدنا بالسنة، وأن يطهرها من البدع والخرافات، ويزينها بالسنن المشروعات.. والحمد لله رب العالمين.
1 البدع والمنكرات في العيد: نشرة أعدها د. حسام الدين عفانه، ص(2).
2 رواه ابن ماجة (1772) وهو ضعيف، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني رقم (520،521).
3 رواه أبو داود (3991) والترمذي(2600) وغيرهما. وصححه الألباني، انظر صحيح ابن ماجة برقم (42).
4 رواه البخاري (2499) ومسلم (3242).
المصدر: موقع إمام المسجد